أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنه يمكن مواجهة حزب الله بغير الميليشيا ومنطق الأمن الذاتي، نافياً "الحاجة الى "ارتداء الزيتي". وشدد على وجوب مواجهة "حزب الله" بالسياسة، القول له إنه من غير الوارد مواجهته بالسلاح.
وأوضح أنه "ما من أحد يمكنه إنقاذ البلاد لوحده، فنحن بحاجة لحدّ أدنى من الحلفاء" مشيراً الى أنه "وبخلاف ما يقوله الفريق الآخر عنا، لم أؤمن بالخارج بأيّ يوم من الأيام باعتبار أنّ من يحدّد مسار الأمور دائماً هو القوى الداخليّة."
وأشار جعجع، في حديث لـ"
أساس ميديا" الى أنه اذا أراد الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن يتركوا كلّ الممارسات السابقة لنبدأ من جديد، فيمكن إعادة إحياء ما كان يسمى بـ"14 آذار".
ولفت الى أنه بالنسبة لـ"قوّات لبنانيّة" "لا كبير سوى الشعب اللبناني، والمواقع كلّها تتساوى" مشيراً الى "إذا ما كان هناك من خطوة تدفع باتجاه إنقاذ الوضع فنحن مستعدون للقيام بها حالاً، وإذا كانت استقالة رئيس الجمهورية تنقذ الوضع الآن، فلما لا نكون أول من يمضي في المطالبة بها؟ إلا أنّ هذا التقييم غير صحيح، لأنّ ما يمكن أن ينقذ الوضع هو تغيير الأكثريّة النيابيّة." لذلك طالب بانتخابات نيابيّة مبكرة "باعتبار أنّها الاستحقاق الوحيد الذي يمكنه نقل الأوضاع من مكان إلى مكان آخر، وبعده يمكن أن نغيّر ما نريد."
وأوضح أن "الأمور فرطت عندما لم نستطع، المستقبل والإشتراكي ونحن، تأليف فريق عمل واحد يعمل بمعزل عن الآخرين" معللا ذلك بالقول: من الممكن أنّ كلّ بقيّة الفرقاء أقرب في النظرة إلى بعضهم البعض، وأسهل عليهم التعاطي في ما بينهم، من التعاطي مع "القوّات". ورداً على سؤال عما اذا كان يقصد بذلك "الفساد"، قال: لا أريد أن أطرح عناوين معيّنة، ولكن ما أريد قوله هو أنّهم يلتقون مع بعضهم البعض أكثر بكثير من التقائهم مع "القوّات". وأكبر دليل على ذلك، ما هو حاصل اليوم، ففي تشكيل الحكومة على سبيل المثال، قام الرئيس الحريري بالتداول مسبقاً مع الرئيس بري وجنبلاط، وليس معنا نحن، لماذا؟ لأنه سلفاً يعرف رأينا بالموضوع، فنحن من غير الممكن أن نمشي كما حصل في أوّل أو ثاني حكومة من العهد. فنحن اليوم بحاجة فعلاً لحكومة مختلفة. وهذه غير ممكنة على الاطلاق مع الثلاثي الحاكم، فلماذا المحاولة؟
وفي الشق المتعلق بالثورة، أوضح جعجع أن القوات كانت "جزءاً أساسياً من الثورة بالفعل، وليس بمعنى أننا نتلاعب بها" مشيراً الى "أننا انسحبنا من الحكومة بعد أن كنا منذ سنة او سنة ونصف قبلها في جو أنه يجب أن نقوم بثورة".
واعتبر جعجع أن الثورة لم تنتهِ "ومن المؤكد أنها في الوقت الراهن في قلب كلّ مواطن لبناني، إلا أنّ سبب عدم نزول هؤلاء إلى الشارع في الوقت الحاضر، مردّه لمئة سبب وسبب بدءاً من كورونا مروراً بالطقس إلى نوع من الإحباط، إلا أنّ السبب الأهم هو أنّ الناس لا يجدون خطوة عمليّة من أجل المطالبة بها."
ولفت جعجع الى سؤال البعض للقوات: "لماذا لم نسمّ الرئيس الحريري؟" مجيباً على ذلك بالقول: يا ليت هناك إمكان لتشكيل حكومة "متل الخلق"، فهذا أمر من رابع المستحيلات. فلماذا علينا تسميته، هل ليُرمى في أتون من نار. في الأحوال كافة أين وصل التكليف اليوم؟ ألا يجب أن نتحاسب مع بعضنا البعض؟ لم يكن الموقف بإزاء الموقع كموقع، وإنما لكي نحدث تغييراً ما في مكان ما. أما بالنسبة للمطالبة باستقالة رئيس الجمهوريّة، فنحن الآن مستعدون للمطالبة بها إذا كانت تفيد.
وفي ما خص النقاش الدائر حول قانون الانتخابات النيابية، أكد أنه "اذا كان لدى أيّ فريق اقتراح جدّي يؤمن صحّة التمثيل، ليطرحه علينا لندرسه. ولكن كلّ القوانين التي تطرح الآن، والتي هي 4 مشاريع قوانين، لا تؤمّن صحّة التمثيل. فنحن لا يمكن أن نقبل بلبنان دائرة واحدة مع نسبيّة، لأن هذا القانون يؤدّي إلى الديمقراطيّة العدديّة."
وشدد على أنه "يجب أن نتصرّف بشكل صحيح على ما نصّ عليه اتفاق الطائف، الذي أعطى المسيحيين نصف عدد النواب، إذاً علينا إعطاؤهم نصف النواب، كما أعطاهم نصف عدد الوزراء. وإن كان لا يعجبنا هذا الواقع، فعندها نأتي لنقول: نريد إعادة النظر في اتفاق الطائف باعتبار أننا لم نعد نرضى بالواقع هذا، بدلا من التحايل من خلال قوانين الانتخاب على الطائف."
وقال: أتى هذا الاتفاق ليعطي المسيحيين عدد نواب بغضّ النظر عن الأعداد الديموغرافية، لذا لا يمكن أن نلتفّ لنعود ونسلبهم هذا العدد من النواب بشكل غير مباشر، أي عبر إقرار قانون انتخاب بشكل معيّن يتمكّن من خلاله الرئيس الحريري على الحصول على 7 أو 8 مقاعد مسيحيّة. وإذا ما قلت لي مع الرئيس الحريري لن يضيعوا، فالردّ هو أنّهم الآن مع الرئيس الحريري، ولكن غداً ماذا إذا أصبح حزب التحرير هو الحزب الأول في الساحة السنيّة، فعندها يضيعون. كما أنّ الرئيس بري يتمكّن من الحصول على 7 أو 8 مقاعد مسيحية، ووليد بيك يستحصل على 4 أو 5 مقاعد، وكان الله يحب المحسنين. وهذا ما كان سائداً ما بين العام 1990 حتى الـ 2018. واعتبر جعجع أن مسألة "صحّة التمثيل"، كانت النغمة لدى المسيحيين كنغمة المشاركة عند المسلمين ما قبل اتفاق الطائف إلى حين أتى قانون الانتخاب الحالي في العام 2018 ليعطي صحّة التمثيل هذه.
واعتبر أن "السُنّة لا يزالون مرتاحين على وضعهم أكثر من المسيحيين في هذه المنطقة، ليس الآن، وإنما في المبدأ، باعتبار أنّ هذا ظرف استثنائي جداً، لأنّ الثوابت في التاريخ لا تزول." قائلاً: يمكن لفريق ما أن يطمس هذه الثوابت لفترة من الفترات إلا أنّ الثوابت التاريخيّة لا تزول. ونحن في المنطقة يجب أن نتوقّف عن الكلام عن أكثريّة وأقليّة، إنما يجب أن نتناول الأمور على ما هي عليه. ولذا، أتى اتفاق الطائف، وأنا من الذين عايشوه عن كثب، ليغيّر النظام السابق في لبنان إلى النظام الحالي.
وردًا على سؤال عن التسوية الرئاسية، قال: الفراغ الرئاسي استمرّ لمدّة عامين ونصف، ولو كنا نفكر على نحو أن "فعاليّة القوّات بـ8 نواب في فترة ما قبل الـ2018 كانت أكبر بكثير بالمعنى الوطني والسياسي والاستراتيجي من فعاليّة القوّات اليوم" فلماذا لم نرشّح العماد عون من بعد شهرين من الفراغ؟ أو من بعد 6 أشهر أو من بعد سنة؟ أو من بعد سنة ونصف؟
وأضاف: منذ اللحظة الأولى التي كنا فيها نعدّ للمصالحة، قلت للعماد عون أنه من غير الوارد أن نرشّحه لرئاسة الجمهوريّة، وإذا ما أراد ذلك فبقدر ما يقترب نحونا بالسياسة بقدر ما نقترب نحن بالرئاسة. وهكذا كانت المعادلة التي اخترعها رفيقنا ملحم الرياشي. وسأل جعجع: ماذا حصل في هذا الوقت؟ ولماذا من بعد سنتين ونصف، قمنا بترشيحه؟ لأننا رأينا بتقديرنا، وتقديرنا من الممكن أن يكون خاطئاً أم لا باعتبار أنه لم يتغيّر شيء من نقاط ارتكازنا، أننا من الممكن أن نكون واصلين إلى أمر قد يكون أسوأ مما يمكن أن يفعل عون. وفي هذه الحال أياً يكن صاحب القرار، لكان سيذهب إلى ما هو أقل سوءاً.
وأوضح أن القوات كانت "أول من أعلن معارضته لعهد ميشال عون." مشيراً الى أن "التصويت لشخص ما لأنك تعتبر أنه أقلّ ضرراً من غيره هذا أمر، وأن تسايره في رئاسة الجمهوريّة وتقبل بأيّ شيء يقوم به هو أمر مختلف تماماً. وأكبر دليل على ذلك أنه لم يمرّ شهران أو ثلاثة على انطلاقة العهد قبل إعلاننا معارضتنا له. زالناس نزلوا إلى الشارع في 17 تشرين 2019 لكن نحن نزلنا في 17 تشرين الأول 2016 في معارضتنا لكل سياسات هذا العهد.
ورداً على سؤال عما إذا كان سيتخذ القرار نفسه في ترشيح ميشال عون لو عدت إلى اللحظة نفسها، اجاب: نعم، لم يكن بالمستطاع اتّخاذ قرار آخر.
وعن الأمن الذاتي، أجاب على سؤال حول امكانية اتجاه القوات إلى الأمن الذاتي لحماية مناطقها في حال حلّ الانهيار الكامل، قائلاً:
بوجود الجيش الحالي تحديداً وقوى الأمن الداخلي الحاليّة، أؤكد لك أن لا قلق لديّ على الوضع الداخلي أبداً، فلماذا التفكير في احتمالات غير موجودة. هذا الموضوع برمّته ليس مطروحاً بالنسبة لنا.