أقامت المدارس الرسمية في الشوف الاحتفال التكريمي السنوي الأول للتلامذة الناجحين في الشهادة المتوسطة للعام الدراسي 2021-2022، وذلك في دار آل البعيني في مزرعة الشوف، برعاية رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط ممثلا بالنائب أكرم شهيب، وبحضور وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال القاضي عباس الحلبي وشخصيات وفاعليات.
وبعد كلمات لكل من مديرة مدرسة كمال جنبلاط الرسمية منال حديفة ومديرة مدرسة مزرعة الشوف الرسمية كرمة البعيني والطالبة كاميليا أبو ذياب من مدرسة بعقلين الرسمية باسم المكرمين ورئيس بلدية مزرعة الشوف المهندس يحيى أبو كروم، تحدث شهيب باسم جنبلاط، فأعرب عن اعتزازه بالنتائج "التي تحققت بجهود المعلمين وإدارات المدارس والأهل"، آملا أن يستمر النجاح حليفا للطلاب في المراحل الدراسية المقبلة.
وقال: "نلتقي الليلة في مزرعة الشوف، جارة المختارة، وبعيدا عن هموم السياسة، نلتقي لنكرم كوكبة من الطلاب الذين يرسمون لنا صورة المستقبل، الذي يبنيه المعلم، وتصنعه الإرادة، هؤلاء الأقوياء، أبناء المدرسة الرسمية، مدرسة الوطن، والذين تعلموا في أصعب الظروف، فحققوا النجاح، وحصلوا على علامات مميزة تماما كرفاقهم في المدارس الخاصة، فتحية إلى هؤلاء الأحباء، وتحية إلى الأهل الذين أيقنوا أن لا إستثمار أجدى من الإستثمار في العلم، فاستثمروا في أبنائهم".
وأضاف: "تحية للمدرسة الرسمية التي أثبتت، على رغم الصعاب أنها الأمينة على الرسالة، وأنها إذا وفرت الدولة لها مستلزمات العمل، قادرة أن تكون دائما في المقدمة، وتحية إلى الوزير الصديق القاضي عباس الحلبي الذي تمكن مع أركان الوزارة، وبتجاوب الهيئات التعليمية معه من إجراء الإمتحانات الرسمية هذا العام بنجاح، وفي ظروف في غاية الصعوبة".
ولفت الى أن "الأزمة الخانقة التي تمر بها مدارسنا حاليا، تهدد بانهيار القطاع التعليمي إذا لم يتم تدارك ذلك بتأمين مقومات الصمود للأساتذة والمعلمين، فالاستثمار الأساسي ليس في البناء، ولا في الكهرباء، ولا في الإنترنت، بل هو في المدراء والمعلمين، إنهم مستقبل التربية والتعليم في هذا البلد، ووزير التربية لم يقصر سعيا في هذا المجال، لا من خلال ما تبقى من دولة، ومع الأسف، ولا من خلال الجهات المانحة، ويبقى الأمل في أن يتمكن من زيادة الحوافز، ومضاعفة الرواتب، وزيادة بدلات النقل، وحل مشكلات المتعاقدين والمستعان بهم".
ورأى أن "تأمين لقمة العيش، والمدرسة والجامعة، والمستشفى والكهرباء والمحروقات، والاتصالات للمواطن أهم من أي إصطفاف سياسي، أو أي إستحقاق مهما كان نوعه، والمختارة التي وقفت وتقف إلى جانب الناس، لن تألو جهدا في البحث عن الحلول التي تنفذ المواطن من هذه الكارثة التي أوصلونا إليها، وما الحوار إلا الطريق الأقصر لخلق مساحة مشتركة للخروج من هذا النفق المظلم". وقال: "لن نفقد الأمل، وستعود الحياة إلى لبنان، وإلى المدارس، وإلى كل المؤسسات في هذا البلد".
بدوره، تحدث الحلبي، فقال: "لا شيء يفوق مقدار الفرح الذي يغمر قلوبنا بنجاح أبنائنا وبناتنا الأحباء، وتفوق العديد منهم في الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة، فقد سجلت منطقة الشوف الأبية تاريخا من حب العلم في كل مراحله، وأصبحت مثالا يحتذى به في مواردها البشرية المتميزة. واليوم هو يوم الإحتفال، وقد شاء رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط أن نتشارك مع أهلنا الأحباء في الشوف هذه الفرحة الغامرة وأن نقول لجميع المواطنين أننا ندرك اليوم بوضوح إصرار معالي الأستاذ وليد جنبلاط، وتكراره في كل مناسبة، العناية بالمدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية لأنهما الملاذ والأساس والمرتكز، ونعمل مع المخلصين على كل المستويات لكي لا تدفع المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية ثمن الأزمة المتمادية التي تصيب البلاد بكل مرافقها".
وأضاف: "لن نستسلم للأزمات طالما يوجد في البلاد وفي الدول الشقيقة والصديقة من يقف إلى جانب التربية في لبنان وينجيها من عاتيات الظروف. وان المدارس الرسمية وإداراتها، وأساتذتها وتلامذتها وأهاليهم، قد عانوا من انعكاس الأزمات، وتأثرت المدارس بالإضرابات والتعطيل، كما عانت من النقص الكبير في المحروقات والكهرباء والنقل المدرسي ولوازم التشغيل، غير أننا نجحنا في تأمين بعض الحوافز من الجهات المانحة والدول الصديقة، فأنهينا عاما دراسيا في فترة استثنائية وظروف غير مسبوقة، وأنجزنا الامتحانات الرسمية وأصدرنا نتائجها".
وتوجه بالتحية إلى المعلمين بجميع مسمياتهم "على التضحية التي قدموها، وعلى المعاناة التي تكبدوها في تأمين عام دراسي إلى حد مكننا من إجراء الامتحانات الرسمية وإعادة الاعتبار إلى الشهادة الرسمية"، كما بارك للتلامذة الناجحين وشكر الأهالي الذين صبروا حتى بلوغ هذه الغاية.
وقال: "عدت بالأمس مع رئيس الجامعة اللبنانية من زيارة إلى دولة قطر الشقيقة، ونأمل أن لا تبخل علينا، هذه الدولة الصديقة، وهي وعدتنا بالدعم لكي نتابع العام الدراسي والجامعي، وهي صاحبة الأيادي البيضاء في الوقوف إلى جانب لبنان في أحلك الظروف، ونحن ننتظر الاستجابة إلى طلبنا ونتطلع بأمل كبير لتحقيق هذه الغاية".
وخاطب التلامذة المكرمين بالقول: "أنتم الأحلى والأغلى، ومجرد النظر إليكم يعيد الأمل بالوطن، ويعيد البسمة إلى الشفاه ويعطينا الفرح، أهنئكم من عميق القلب، وأفرح مع أهاليكم، ومعلميكم، ومديري مدارسكم فقد خضنا معا التحديات بكل مسؤولية وسجلنا أرقاما مشرفة للمدارس الرسمية في كل الشهادات، فيحق لكم الافتخار بالنتائج، ويحق لنا أن نقول ان المدرسة الرسمية لا تزال بخير، وإذا كانت الشهادة المتوسطة موضوع نقاش تربوي حول أهمية بقائها أو استبدالها بوسيلة جديدة للتقييم، فإننا نعتبرها مؤشرا مهما في نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وبالتالي فإن البديل عنها يأتي في سياق ورشة تطوير المناهج ليكون التقييم مدروسا ودقيقا ومنسقا مع النظام التربوي وقياس المهارات والكفايات المطلوبة في كل مرحلة وصف دراسي".
وأضاف الحلبي: "خشيتنا على العام الدراسي وعلى المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية لا تنحصر فقط بالتعليم الرسمي والجامعة الوطنية، بل تتعداها إلى التعليم المهني والتقني الرسمي والخاص والى المدارس والجامعات الخاصة، فالجميع في أزمة، والكل يحتاج إلى العناية والدعم لتقطيع المرحلة، لكن كل ما يحدث يثبت لنا أن لا بديل عن الدولة المنيعة المتماسكة، الراعية لمواطنيها ومؤسساتها، وعن المرحلة التي نمر بها، وهي مرحلة الخراب الكامل والتعطيل الشامل والغياب التام للدولة، فإننا من موقعنا وحرصنا مع المخلصين نبذل كل ما في وسعنا للمحافظة على التعليم والتربية وفاعلية النظام التربوي، كما نجتهد لتطوير المناهج من خلال إنجاز الإطار الوطني لمناهج التعليم العام ما قبل الجامعي، وتحديث آلية التقييم والإمتحانات الرسمية، بالتعاون مع الجميع".