أكّدت الدراسات ان المصاب بمرض البارانويا (جنون الارتياب) هو شخص يؤمن إيماناً وثيقاً بتعرضه للاضطهاد أوالملاحقة، ويفسر سلوك الآخرين تفسيرا يتفق مع هذا الاعتقاد.
فالمحور الأساسي الذي تدور حوله هذه الشخصية هوالشك في كل الناس، وسوء الظن وتوقع الإيذاء من الآخرين. والمصاب بمرض البارانويا يرى ان كل الناس في نظره سيئون علماً انه لا يتزحزح عن هذا الموقف.
والمصاب بالبارانويا يظل متمسكاً بموقفه مهما كانت الأدلة، ومهما أظهر الآخرون حسن نواياهم ويبقى في حالة استعداد دائم لصد عدوان يتخيله أو لإفساد مؤامرة تحاك ضده.
وكل من يحاول أن يثني المصاب بالبارانويا عن سوء ظنه، يضعه على القائمة السوداء ويضمه إلى قائمة السيئين، ولهذه الاسباب هو دائم الشعور بالاضطهاد الذي يولد عدوانية داخلية، فهو ضد كل الناس ويضمر الكراهية لمعظم الناس، ومن السهل أن يتحول إلى شخص عدواني يؤذي إذا أتيحت له الفرصة لذلك.
واللافت ان المصاب بالبارانويا لا يتقبل أي نقد أو توجيه، ويتخذ مواقف عنيفة وعصبية فيها تهور إذا تم التعرض له بالنقد أو باللوم، ولذا فهو معدوم الأصدقاء وعزلته تزيد من شعوره بالاضطهاد وتزيد من عدوانيته وعداوته.
اما الحوار مع هذه الشخصية فمضنٍ ومتعب، لأن الشخص المصاب لا يتقبل ظاهر الكلام وإنما هو دائم البحث عن الدوافع الخفية والمعاني الدفينة، والنقاش معه يطول، وهو في الغالب محاور بارع يجهد مَن يحاوره، ويبالغ في تفسير المواقف والمعاني، تتوه وأنت تحاوره وقد لا تفهم ماذا يقصد.
هذا الشخص إذا أكدت الأحداث توقعاته شعر بزهو شديد، أما إذا أكدت الأحداث خطأ توقعاته وتحليلاته فإنه لا يتراجع عن سوء ظنه، حتى في المواقف الجديدة ومع الناس الذين يقابلهم لأول مرة. فإن سوء ظنه يكون هو الغالب، ولذا يجتهد في البحث عن أدلة لإثبات صحة نظريته.
يمكن وصف المصاب بالبارانويا بالإنسان المجرّد من العواطف أو ان عواطفه محدودة جداً ولا يمكن ان تتوقع منه دفئاً أو مودة أو تفاهماً أو تعاطفاً. وهو صلب لا يتنازل ولا يقبل حلولاً وسطاً، تقلقه محاولات التودد والاقتراب من الآخرين، يتحاشاهم ويبتعد عنهم، بالاكتفاء الذاتي، ولذا فهو متمركز حول نفسه بشكل خطير قد يصل إلى الإحساس المرضي بالتيه والزهو والشعور بالأهمية.
وفي مجال العلاقة الزوجية، تكون مضطربة لسوء ظنه وغيرته وشكه وتلفها عداوة مستترة، وكذلك الأمر في علاقته بأبنائه.
باختصار، البارانويا مرض نفسي خطير يصعب التعاطي مع من يشكو منه بدون علاج متخصص.