"آنسة، أستطيع الذهاب الى الحمام"... كلا ليست تلك العبارة غريبة عن مسمع أحد، عبارةٌ لا تزال متداولة في أغلبية المدارس اللبنانيّة التي تحرم الولد دخول المرحاض لقضاء حاجته لسبب غير واضح. "جيزيل" (10 سنوات) فتاة في احدى المدراس الخاصة طلبت من معلمتها اذناً لدخول المرحاض فرفضت الأخيرة! فما كان من خيار أمام الفتاة سوى التبول في ملابسها. فإلى متى ستبقى هذه الظاهرة متفشية في المدارس؟ تكرّرت الحالة التي تعود فيها التلميذة إلى البيت مبلّلة الثياب، ولكن ما صدم الأمّ، أنّها أخبرتها أنّ المعلِّمة تُعاقبها بمنعها من دخول المرحاض. لم تستوعب الأم الفكرة، فذهبت تستفسر الأمر من المعلِّمة الّتي برّرت سلوكها بمحاولتها تأديب الفتاة لأنّها كثيرة المشاغبة! كما اعتبرت أنّ التلامذة عموماً يختلقون الأمر ليتهرّبوا من الصفّ. وهنا لا بد من الاشارة الى أنّ هذا التصرف من قبل الاساتذة يخلق مشاكل نفسيّة وربما جسديّة لدى الطفل. فمن الناحية النفسية سيتجنب الولد شرب السوائل او أي شيء قد يدفعه الى قضاء حاجته، أما من الناحية الاجتماعية سيشعر الولد بقلة الثقة بالنفس وبالتفكير المستمر في امكانية قضاء الحاجة في المدرسة بالإضافة الى التبول اللاإرادي أثناء الليل بسبب الخوف الذي ولدته المدرسة لديه، أما جسدياً فإن احتباس البول في المثانة لفترات طويلة أو عدم التبول بانتظام يؤدي إلى ضغط القولون على المثانة ما يؤدي بدوره الى التهابات في المسالك البولية، آلام في البطن والكلى، وارتفاع درجة الحرارة. فإلى أيّ مدى يكون هذا النوع من العقاب فعّالاً مع الأطفال؟ وهل يجوز حرمانهم من الحاجات الأساسية كدخول المرحاض أو الشرب أو حتّى الطعام، لتأديبهم؟ مما لا شك فيه أنّ الولد لن يتعلم حسن السلوك بهذه الطريقة، وأنّ قضاء "الحاجة" معناه أن للولد حاجةً للقيام بأمر معين وهو بذلك مجبر والأمر خارج عن ارادته. وعلى المدارس في المقابل أن تراعي هذا الموضوع وتغير وجهة نظرها من اعتبار المرحاض مكاناً يلجأ اليه التلميذ للتسلية، وإلّا تحوّلت من مكان لخير التلميذ الى مكان لعذابه.