كثيرة هي الأمور التي تعيقنا خلال محاولاتنا في تحقيق أهدافنا في هذه الحياة، فنحن دائما ما نهدف للوصول والنجاح ونبحث عن الأساليب التي ستساعدنا في إنجاز مبتغانا... ولكن هل لاحظتم يوما أن طريق النجاح لا نسيره على أقدامنا؟
"الاعاقة هي الفكرة التي تمنعك من الحصول على أي شيء تريده في هذه الحياة"، هذه كانت كلمات المخاطب التحفيزي ومدرب العقلية أنطوني نحّول التي كللت مقابلته مع موقع الـLBCI الالكتروني.
الاصرار والمثابرة والفخر والاعتزاز والايمان والنجاح والحب... كلها أمور يمكن أن ترونها منذ اللحظة الأولى التي تلتقون فيها بهذا الشخص المميز، هذا الشاب الطموح والناجح الذي ولد من دون يدين ولا رجلين، الا أن هذا "التفصيل" لم يمنعه من تحقيق أحلامه الكبيرة والتي يمكن أن تعلّم كل شخص يتعرف اليه كيفية النظر الى الحياة من زاوية جديدة، زاوية لا بد أن تمنحه السلام والفرح الداخلي والقدرة على المثابرة والمضي قدما نحو انجازات عظيمة.
وفي اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، أو لـ"أصحاب الهمم" وفق أنطوني، والذي يصادف في 3 كانون الأول من كل عام، خصّ هذا الشاب الناجح والمتميز موقع الـLBCI الالكتروني بمقابلة يمكن أن تغيّر حياة كثيرين.
ولادة صادمة ومسيرة قلبت المقاييس
"منذ 28 سنة، عندما علم والداي أنهما سيرزقان بطفل، أخبرهما الطبيب انني طفلة، وليس مجرد فتاة بل فتاة ترفس وتحرك رجليها بكثرة، الا أن هذه الفتاة ولدت صبيا لديه وضع خاص هو Tetra-amelia syndrome"، وفق ما قال نحّول، الذي شرح أن "واحدا من أصل كل 36 مليون شخصا يولدون مع هذه المشكلة يعيش، وصودف أن هذا الشخص الواحد هو أنا."
وروى أنطوني أن "بعد أن ولدت وفهم أهلي وضعي قررا أنه يجب التعامل معي كأي شخص آخر، قاما بتربيتي وعلماني ولم يكن الطريق سهلا أبدا، اضطررت أن أتلقى دروسي أول فترة من المنزل، وكنت فقط أقدم امتحاناتي في المدرسة، وبعدها انتقلت الى الجامعة، وأصريت على أن أحضر شخصيا الى حرم الجامعة وأن أقوم بتأسيس نفسي، وأن يكون تعاطيّ مع الناس حضوريا، ومن هناك انطلقت، نلت شهادة بكالوريوس في علوم الكمبيوتر، وبعد كورونا بدلت مسيرتي المهنية واليوم أنا Motivational Speaker (مخاطب تحفيزي)، Mindset Coach (مدرب عقلية) و Learning and Development Specialist (أخصائي تعلم وتطوير) في شركة Monty Holding."
وهكذا تبدلت مسيرة أنطوني المهنية بالكامل، فبعد أن كان قد ترأس منصباً إدارياً مع شركة تعمل مع مرفأ بيروت، أصبح اليوم من أكثر الأشخاص تأثيرا في مجاله.
مسيرة بدأت بالصدفة
وأخبر أنطوني موقع الـLBCI الالكتروني، كيف بدأت مسيرته مع الخطاب التحفيزي، وقال: "لم أبدأ مسيرتي في مجال الخطاب التحفيزي بطريقة حرفية، وبدأت قصتي في هذا المسار المهني عندما طلب مني قريبي، أن أقدم شهادة حياتي في أحد اجتماعات الكشافة التي ينتسب اليها... لم أقتنع بالفكرة في البداية لأنني أرى نفسي شخصا عاديا كبقية الناس، وبالتالي لم أكن أرى الاضافة التي سمتنحها قصتي لهؤلاء الأِشخاص في حياتهم، ولكنه أقنعني، وقال لي انني لن أخسر شيئا، فاما أن أقوم بالتأثير على الحضور أو أن تمر القصة مرور الكرام، وهذا ما قمت به".
وأخبر أنطوني أنه "عندما قررت أن أتخصص في هذا المجال كان ذلك خلال فترة كورونا، وجميعنا بقينا في المنازل حينها وعشنا فترة نفسية صعبة، وعندها قررت أن أتعلم كيف يمكنني أن أخرج نفسي من هذه الحالة، وبعدها ذكّرت نفسي أنني أعلم أن رسالتي في الحياة هي أن أتمكن من مساعدة الناس، فلما لا أتعلم هذا الاختصاص بطريقة احترافية للوصول الى هدفي وتحقيق هذه الرسالة."
واضاف: "بدأت بالأمر وأخذت شهادتي من جامعة روستر نيويورك وفي الوقت نفسه حصلت على شهادتي من ICF (International coaching federation ) كمدرب عقلية وحاليا أعمل في هذا المجال."
لا يمكن أن تمر قصة النجاح الملهمة لهذا الشاب الطموح من دون أن تحظى بعنوان يليق بها.
وعندما طلبنا من أنطوني أن يضع عنوانا لقصته أجاب: "No limitations only possibilities "، أي لا وجود لأي حدود فقط هناك الفرص.
أما المقولة التي أثرت فيه كثيرا فكانت: " Fall 7 times stand up 8"، أي أسقط سبع مرات وقم ثماني مرات.
تذكروا الاسم
لهذا الشاب المقدام، أغنية مفضلة يحبها كثيرا وتلهمه على الدوام وهي Remember The Name لـ Fort Minor، وترجمة اسمها للعربية هي "تذكروا الاسم".
وأوضح نحّول أن "الناس يستغربون اختياري لأغيتي المفضلة، اذا انهم يعتبرون انني يجب أن أظهر صورة جيدة جدا عن نفسي، فكيف يمكن أن تكون أغنيتي المفضلة أغنية هيب هوب شعبية... ولكنهم لا يرون الرسالة من هذه الأغنية، فأنا لا أطلب عبرها من الناس أن يتذكروا اسمي بدافع الغرور، بل ان هذه الأغنية تتحدث عن الجهود والعمل والسعي نحو النجاح، وهذه هي الأمور التي يجب على الناس أن يسعوا للوصول اليها في الحياة".
واعتبر أنطوني أن "الحظ ليس سر النجاح، أنا لا أؤمن بالحظ، فنحن من نصنع حظوظنا في الحياة، وظروف الحياة يمكن أن تؤخرنا للوصول الى أهدافنا ولكنها لا تمنعنا من تحقيقها، وما يمنعنا فعليا من الوصول الى أهدافنا هو نظرتنا وطريقة تفكيرنا اتجاه الظروف التي نعيشها... وهذه الأغنية تخبرنا عن العقلية التي يجب أن نتمتع بها كي نصل الى النجاح الذي نبحث عنه ونسعى اليه".
كما أوضح أن "أمورا كثيرة لعبت دورها حتى أتمكن من الوصول الى هذا الأسلوب من العقلية والتفكير، وأهلي لعبوا دورا كبيرا في هذا الأمر وكذلك ايماني بالله، وأنا انسان مؤمن"، متابعا ان "عندما نتمكن من الوصول الى مرحلة من الايمان تدفعنا للتأكد من أننا ان توجهنا الى باب مقفل ونحن مؤمنون بأنفسنا وبربنا بأننا سنتمكن من فتحه فسنتمكن من ذلك، فهذا الايمان ينمي فينا ذهنية أن لا شيء يمكن أن يوقفنا".
نصيحة من أعز الناس
لطالما تحدث أنطوني نحّول عن علاقته المميزة بوالديه، وكيف أنهما لعبا دورا محوريا في حياته وساعداه في الوصول الى ما هو عليه اليوم.
وروى خلال مقابلته مع موقع الـ LBCI الالكتروني قصة حصلت معه واستخلص منها عبرة بدلت نظرته للحياة، وقال: "عندما كان لدي امتحانات رسمية للشهادة المتوسطة أضاعوا مسابقاتي التي قمت بها لأنهم أصروا في وزارة التربية على أنه عليّ أن أقوم بامتحاناتي مع الأشخاص ذوي الارادة الصلبة وأنا كنت مصرا على أن أقوم بها مع الطلاب العاديين، فقاموا بنقل امتحاناتي من قسم الى آخر وهكذا أضاعوا لي أوراق مادتين أساسيتين، ونتيجة لذلك رسبت وكان هذا الرسوب فعليا أول "صفعة" أتلقاها في حياتي، وأنا الذي كنت أعتبر أن طموحي كبير وأستطيع القيام بكل ما أريده، فصدمت، وكنت أعتقد انني فشلت."
وتابع: "رآني والدي وأنا أبكي فسألني عن سبب دموعي وأخبرته انني رسبت، فسألني: هل انت أول شخص يرسب في هذا العالم؟ وأجبته: كلا، فسألني من جديد: ألا تستطيع أن تعيد تقديم امتحاناتك وقلت نعم، وسؤاله الثالث كان: اذا رسبت فهل هذا الأمر يعني أنك انسان فاشل فقلت لا، عندها طلب مني أن أمسح دموعي وأن أبدأ بالدرس من جديد وهذه كانت نقطة التحول التي علمتني كيف نحوّل لحظات الفشل التي تمنعنا من بلوغ أهدافنا، من خطوة الى الوراء الى خطوة تساعدنا للوصول الى تحقيق النجاح الذي نريد بلوغه في حياتنا."
ضحكة راسخة خلفها سر كبير
من يتابع أنطوني نحّول، لا يمكن الا أن يلاحظ الابتسامة الكبيرة التي تنير وجهه دائما، وعندما سألناه عن السر خلفها أجاب: "من يقول انه لم يمر أبدا بمرحلة صعبة في حياته أو بمرحلة حزن وانهزام يكون كاذبا، فهذا جزء من طبيعتنا، وكما نمر بلحظات سعيدة نعيش أيضا لحظات من التعاسة، ولكن الفكرة الرئيسية تكمن في أسلوب تفكيرنا خلال مرورنا في هذه المرحلة الصعبة، ماذا نقول لأنفسنا، هل نقرر أننا لن نستطيع الخروج منها واننا فقدنا كل قدراتنا في الحياة أو نقول لأنفسنا اننا سنخرج منها ونبني ونؤسس انطلاقا منها للوصول الى مكان أهم وأكبر وأنجح".
وكشف ان "سر سعادتي هو انني أعلم أن أي لحظة سيئة أو مصاعب تمر علينا ستمضي، لذلك لا أرى في هذه المواقف الصعبة المشكلة بل أرى الحل وأبحث عن الخطوات المقبلة... أحاول دائما أن أذكر نفسي أن مرحلة الحزن التي نمر فيها ستمضي وأنه علي أن أتقبلها حتى تنتهي."
لا نستطيع ايقاف الأمور السيئة من الحدوث ولكن!
لطالما اعتبر أنطوني نحّول أن "الطابة حتى ترتفع يجب أن تضرب بالحضيض أولا"، ولكنه يقول أيضا ان "بس يبرم الدولاب بيبرم مع بعضو، فمشاكل الحياة تتوالى والأمور تحتاج للوقت حتى تعود الى توجهها الصحيح."
وأضاف: "احدى أصعب المراحل التي أتعبتني، كانت عندما كنا نمر بمرحلة صعبة في البلاد في خضم الأزمة الاقتصادية وكنا نواجه في الوقت نفسه حالة مرضية داخل العائلة وحالة وفاة عائلية، وحالة عائلية داخلية صعبة، وعندما تتوالى هذه الأمور نصل الى مرحلة نشعر فيها اننا مكبلين، نريد أن نقوم بأي شيء للخروج منها ولكن الأمور خارجة عن ارادتنا، ولذلك أسعى دائما الى اعطاء ورش عمل حول كيفية الخروج من الذهنية المكسورة والضعيفة، لأننا لا نستطيع ايقاف الأمور السيئة من الحدوث، ولا يمكننا الا أن نتعلم كيف نواجهها ونعالجها."
"الله ما بجازي... الله بيعطي جوائز"
"أعتبر أن أي شيء يمكن أن يحصل معي في حياتي لا بد من أن تظهر يد الله من خلاله، وفي حال واجهت أي مشكلة أنا أؤمن بالله وبمساعدته لي"، بحسب قول نحّول، الذي يردد دائما مقولة: "الله ما بجازي... الله بيعطي جوائز".
وأكد ان "ما من باب مقفل واجهته وأنا مؤمن بأن الله سيفتحه لي الا وفُتِح، أقول دائما ان الوضع الذي أتيت به الى هذه الدنيا لم يكن صدفة، والطبيب عندما قال لأهلي انني فتاة تتحرك كثيرا، هذا الأمر لم يكن صدفة أيضا، وأنا لا ألومه ولا ألوم أحدا، فهذا ما كان من المقدر أن يحصل، وأنا كان يجب أن آتي الى هذه الحياة بهذه الطريقة، والله لديه رسالة من خلالي"، معتبرا أن "لدي مهمة للقيام بها في الحياة ولهذا السبب ولدت هكذا."
وشدد أنطوني على أن "لدي ايمان كاف بأن اذا الله وضعني في هذه الدنيا بهذه الطريقة لسبب محدد فهو لن يتركني وايماني لم يأتِ عن عبث بل انطلاقا من تجارب خضتها"، مضيفا ان "أكبر نعمتين من مجيئي الى هذه الدنيا، هما نعمة ولادتي بهذا الوضع لأن الله لن يتركني والنعمة الثانية هي أنني ولدت مع والدين هما أسمى وميشال نحول، لأن ما قاما به من أجلي وما يستمران بالقيام به والدعم الذي يقدمانه لي صعب كثيرا العثور عليه لدى أي شخص آخر."
"كل شي جايي من ربنا الله يقربو"
وعندما سألنا أنطوني: "هل تنصح الأهل بالاجهاض في حال علمهم بان جنينهم يعاني من مشكلة ما قبل ولادته"، كانت اجابته صادمة.
وقال: "والداي علما بقصتي قبل أن يتزوجا ولكن مُحيت القصة من ذهنهما قبل أن أولد"، وأوضح ان "والدي كان خاطبا وحلم حلما كبيرا جدا، رأى فيه ضوءا قويا وسمع صوتا يقول له "مبارك الذي ستقوم به، لأنك سترزق بطفل من دون يدين ورجلين وستربيه والناس الذين سيعرفونه سيحبونه"، استيقظ ورفض الفكرة ولام ربه ثم صلى وعاد للنوم."
وتابع نحّول: "استيقظ والدي في اليوم التالي ولم يتذكر شيئا من الحلم، بل تذكر فقط أنه حلم بأنه سيتلقى خبرا صعبا جدا بعد أن يتزوج لكنه لم يتذكر ما هو هذا الخبر وتذكر أنه بكى، فتوجه الى والدتي التي كانت خطيبته حينها وقال لها: لا أعلم ما سيحصل معنا بعد الزواج لكنني حلمت بأن أمرا صعبا جدا سيحصل معنا وأنا أتفهم في حال قررتي ألا تكملي مسيرتك معي وتتزوجينني"...فأجابته أمي حينها بالقول: "كل شي جايي من ربنا الله يقربو"، وهذا ما أقوله لهؤلاء الأشخاص".
واعتبر ان "اذا كان قدرهم أن ينجبوا طفلا بوضع خاص، نصيحتي لهم "كل شي جايي من ربنا الله يقربو"، وأنا لم أر أي شخص من ذوي الارادة الصلبة ولد في عائلة الا وكان نعمة لها."
هذه هي الإعاقة الحقيقية!
وفي سياق آخر، لفت أنطوني الى أن "قسما كبيرا من المجتمع ينظر لي على انني شخص لديه اعاقة وأنا أعتبر أن الاعاقة الحقيقية لا تكون اعاقة الا عندما نسمح لها بذلك، وأعتبر أن كل شخص منا يمكن أن تكون لديه اعاقته الخاصة: ممكن أن تكون فكرية أو جسدية أو عقلية أو روحية أو الادمان أو سرعة الغضب...".
وشدد نحّول على أن "الاعاقة هي الفكرة التي تمنعك من الحصول على أي شيء تريده في هذه الحياة".
وختم بنصيحة قدمها الى الشبان والشابات في مجتمعنا اليوم، وقال: "لا تسمحوا لأي فكرة ممكن أن تقف أمامكم كاعاقة أن تسيطر على طموحاتكم وأحلامكم التي ترغبون في تحقيقها في هذه الحياة."
خلاصة القول، نحن فعلا لا نسير في طريق النجاح على أقدامنا، بل بنظرتنا للأمور وبايماننا وثقتنا بأنفسنا وبرغبتنا في الوصول... وأنطوني نحّول هو خير دليل وتأكيد لهذه النظرية!
التالي
في مصر... حفل زفاف يتحوّل إلى كارثة: ما فعله العريس صدم الجميع! (فيديو)
"الأرشيف ليس نوستالجيا"... في اليوم العالمي للتراث السمعي – البصري بيار الضاهر يؤكّد: ابتكار اللحظات المميزة مهمّتنا!
السابق