خرجت الكتب التي كانت تُقرأ وتباع في الخفاء على مدى عقود في مكتبات دمشق، إلى العلن، وباتت روايات معاناة السجناء السياسيين تجاور نصوصا عن فكر ابن تيمية، وهو ما كان غير قابل للتصور قبل أسابيع معدودة.
وعثر الطالب عمرو اللحام، 25 عاما، على كتاب كان يبحث عنه منذ فترة طويلة، وهو "المعبر"، تصف فيه المؤلفة معارك مدينة حلب من نقطة عبور كانت تربط خلال أعوام النزاع السوري، الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مسلحي المعارضة، بتلك الغربية الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية.
ويقول الشاب "قبل ستين يوما، لو سألت عن كتاب، لربما كنت اختفيت في سجن صيدنايا" السيئ السمعة قرب دمشق.
على الرفوف والجدران الممتدة على الأرصفة وفي المتاجر، تتكرر العناوين نفسها التي لم تكن متوفرة سابقا إلا بنسخ مقرصنة على الإنترنت.
من بينها رواية "بيت خالتي"، هي العبارة التي يستخدمها السوريون للإشارة إلى السجن، للروائي العراقي أحمد خيري العمري، وكذلك رواية "القوقعة" للسوري مصطفى خليفة الذي يسرد قصة اعتقال شاب علماني في سجن تدمر بتهمة أنه إسلامي متشدّد.
وطوت الإطاحة ببشار الأسد من قبل فصائل مسلحة تقودها "هيئة تحرير الشام" ذات التوجه الإسلامي في الثامن من كانون الأول صفحة أكثر من نصف قرن من حكم العائلة الواحدة، حيث كان القمع الشديد مصير أي معارضة، وخضعت الحريات العامة للتكميم من قبل عدد كبير من الأجهزة الأمنية التي أرعبت السكان وعذّبت المعارضين في السجون.
لكن القلق لا يزال يراود العديد من السوريين حول مستقبلهم الذي يأملون أن يكون ديموقراطيا. وعلى الرغم من ذلك، ارتاحت دمشق الآن من قبضة الوجود الأمني القائم عند كل زاوية، في بلد غرق في نزاع دامٍ منذ العام 2011.