على وقع الميدان المشتعل ، وعلى رغم الاحتجاجات الواسعة ومعارضة أكثرية خمسة وخمسين في المئة من الإسرائيليين ،
وثمانية وثمانين في المئة من مؤيدي الائتلاف الحكومي إتفاق وقف النار مع لبنان،
يتقدم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في اتجاه التوقيع على الاتفاق في غضون أربع وعشرين ساعة.
فما الذي دفع نتنياهو لذلك، بعد أيام من مغادرة المبعوث الأميركي آموس هوكستين تل أبيب من دون إحراز إتفاق؟
الدافع الأول ناتج عن خطوات أميركية تراوحت بين تهديد اسرائيل ودعمها، وهي ظهرت قبل الاجتماع الأمني التشاوري ليل الاحد ، والذي قرر خلاله نتنياهو التقدم نحو الموافقة على الاتفاق.
بالعودة الى ما حصل، هدد هوكستين بإنسحاب واشنطن من الوساطة مع لبنان، اذا لم يتم التوصل الى اتفاق في غضون أيام.
تهديد ترجمه نتنياهو بخشية
من اصدار مجلس الامن الدولي قرار بوقف النار بين اسرائيل ولبنان، وفرض عقوبات على بلاده ،لا تعترض عليه واشنطن من خلال استخدام الفيتو.
هذا في التهديد،اما المغريات فشملت ثلاث نقاط:
- تعهد واشنطن من خلال مستند الضمانات المرفق بالتسوية، بضمان حرية عمل إسرائيل في لبنان في حال عدم تجاوب لجنة مراقبة الاتفاق مع أي تقرير إسرائيلي، والسماح للجيش بالرد الفوري اذا ما تعرضت إسرائيل لاعتداءات وهجمات مباشرة.
- وعد الرئيس الأميركي جو بايدن بتحرير صفقات الأسلحة التي حظرتها واشنطن سابقا ونقلها الى اسرائيل فور التوقيع على الاتفاق.
- تعهد واشنطن بتخفيف ضغطها على تل أبيب في كل ما يتعلق بسياستها في غزة وحربها على حماس.
وفي الدوافع وراء قرار نتنياهو، وتراجعه حتى عن رفض تمثيل فرنسا في لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق، فقد تبين ان الولايات المتحدة بعثت رسالة الى اسرائيل تؤكد فيها ان لا اتفاق من دون باريس التي لها مصالحها في لبنان المصر اصلا على عضويتها.
رسالة تلتها محادثة بين نتنياهو والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، لتخفيف حدة التوتر بين الجانبين
لا سيما بعد موافقة القاضي الفرنسي في المحكمة الدولية على قرار اعتقال نتنياهو ووزير امنه يوآف غلانت لإتهامهما بالضلوع في جرائم حرب.
وخلال الاتصال، ابلغ ماكرون الى نتنياهو ان بلاده ملتزمة بتنفيذ قرارات المحكمة ،لكنه تعهد له باستخدام حصانة قادة الدول ،وعدم منعه من دخول فرنسا.
اما الانتصار الأكبر الذي يحققه نتنياهو في الاتفاق ، فهو فصل الساحة اللبنانية عن ساحة غزة.
فبتوقيع هذا الاتفاق مع الضمانات والدعم الأميركي، يمكن لرئيس الحكومة الاسرائيلية مواصلة خطته في غزة ، وبدء مخطط إعادة النظام العسكري اليها ،مع اعادة مشاريع الاستيطان هناك وقد اعدها فعلا وزير ماليته بتسلئيل سموطرتس.
هذه النقاط تحظى ليس فقط بدعم واسع من أحزاب الائتلاف الحكومي ومؤيديه ، إنما تؤمن لنتنياهو
هذه النقاط تحظى ليس فقط بدعم واسع من أحزاب الائتلاف الحكومي ومؤيديه، انما تؤمن لنتنياهو
صورة النصر في الحرب وتحقق رغبته في استمرار بقائه في الحكومة وتضمن الاستجابة للادارتين الحالية والمنتخبة في الولايات المتحدة وتحسن وضعه في المحكمة لصد المطالبة الواسعة بعزله.