على مدى 25 عامًا، كانت الراحلة هدى شديد صوت صحيفة "لوريان لو جور" في القصر الجمهوري ببعبدا، حيث أدّت مهامها كمراسلة بصدق وجدية قلّ نظيرهما. شهادتان من قلب الجريدة، حملتا الكثير من الود والاحترام، رواهما المدير التنفيذي للصحيفة ميشال الحلو ونائبة رئيس التحرير ريتا ساسين.
استعاد ميشال الحلو لحظة مؤثرة جمعته بهدى، قائلاً: "عندما استلمت إدارة الصحيفة، كنت أمرّ بظروف صعبة. تلقيت اتصالاً من هدى، طلبت فيه لقاءً سريعاً في المكتب. وعند الاجتماع، قالت لي إنها مصابة بالسرطان، لكنها ترغب في الاستمرار بالعمل، مضيفةً "أعلم أنني لن أكون منتجة كما كنت، لذلك لا أعرف إذا يجب أن أنسحب أو تُخفّض أجرتي".
وتابع بتأثّر: "انصدمت بكلامها. فجأة بدت مشاكلي تافهة أمام حجم ما تواجهه. لم أتردد، وقلت لها: لن نغيّر شيئًا. إذا شعرتِ أنك قادرة على التغطية، فنحن معك وندعمك بكل ما نملك".
أما ريتا ساسين، فاستذكرت بداية علاقتها بهدى التي انطلقت من موقف بسيط تحوّل إلى صداقة عميقة، قائلة: "كانت هدى قد أرسلت لي خبرًا عندما كنت أعمل في القسم السياسي. سألتها عن جملة غير واضحة كي أتمكن من ترجمتها، فغضبت وفي سياق الحديث سألتني ما إذا كنت من قضاء الشمال. ومنذ تلك اللحظة، بدأت صداقتنا، وتحوّلت من زمالة إلى علاقة إنسانية مليئة بالثقة والاحترام".
هدى شديد، الصحافية التي كانت أكبر من موقعها، تركت أثرًا لا يُمحى في قلوب من عمل معها. صداقاتها كانت حقيقية، ومهنيتها راسخة، وعطاؤها لم يتوقف حتى في أصعب المعارك الشخصية.