لا شيء مقدسا في الطلق، حتى الدين في قداسته يخضع للتطوّر حتى لا يجمد كالحجر الميت.
فلنبدأ من اليوم البحث عن صيغ معاصرة لوطن مجمّع من طوائف، حتى لا يظل واقفا على صوص ونقطة،صيغ مطورة تناسب الواقع اللبناني المريض والذي سيظل مريضا في المدى المنظور إلى أن تأتي أجيال جديدة بمفاهيم حرة لبناء وطن معافى خال من كوليسترول الطائفية وطاعون المذهبية وسرطانات القبائل وزعمائها.
كل ماروني اليوم مقهور من صلاحيات الرئيس المقلّصة،وقبله كان كل مسيحي مقهورا من الاستثناء الماروني،أما باقي الطوائف فلم يهأ بالها إلا بعد تقليص صلاحية الرئيس...غير أن عين كل فريق في مركز الآخر...
من أين نبدأ؟
البداية في أن يكون للجمهورية رئيسا كامل الصلاحيات لا مجرد مدير بروتوكول يعين السفراء ويدير بعض الحنفيات المالية لمكتسبات عائلية ،وهذا ليس قانونا وإنما نهج سلكه الكثيرون بعد الطائف.
وحتى يكون الرئيس بهذه الصلاحيات عليه أن يأتي بصوت الناس لا بأصوات النواب الكسبة وبرغبات السفراء...
طبعا يترافق هذا الأمر مع اعتماد نظام المداورة بين الطوائف وأن تكون المداورة في المناصب الثلاثة .
أنا لا أعتبر أن هذا القانون هو الأصلح ولا هو أقصى تمنيات المواطن اللبناني الحرّ، ولكن الأمر الواقع يفرض علينا أن نفكّر ضمن المقبول والممكن في بلد لا يزال على علاته القديمة يقلّبها بين حرب وأخرى،كالواقفين في بحر متلاطم الأمواج جل ما يسعى اليه هو النجاة من الغريق الكبير...
إنه اقتراح للبحث لأن كل تفكير في تجديد يجعل الهيمنة لفريق على آخر هو مشروع حرب أخرى لبلد متخم بالأزمات ومثخن بجراح حروبه السابقة وحروب الآخرين الحالية.
صحيح أن الوطن لن يستقيم حتى تهدأ الزلازل العربية والتي تبدو طويلة الأمد لكننا نستطيع بأضعف الإيمان أن نحاول تجنيبه الغرق الأخير فالتشظّي فالزوال.
حسين الجسر