إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها , وإذا أثبت وزراء الحكومة فرداً فرداً, ومعهم الحكومة مجتمعة أن ولاءهم سيكون للبنان وحده, يكون عهد ٌجديد فتح في البلد.
عهدٌ لن يتوقف عند أعوام جوزاف عون الرئاسية الستة, بل سيمتد لعهود كثيرة مستقبلاً.
يعرف وزراءُ حكومة نواف سلام أن مهامهم إصلاحية ٌ وإنقاذية, تماماً كما يعرفون أن عملهم سيكون تحت أنظار دول اللجنة الخماسية, وتحديداً الدولُ الفاعلة فيها, أي الولايات المتحدة, فرنسا والسعودية, وهي كلها طالبت بأن لا يكون الوزراء ُحزبيين، وأن لا يكونوا متورطين سابقاً في الفساد أو قد يتورطون مستقبلا به, وأكدت أن عملهم هذا سيشكل بَوصلة البلد.
فإما ينجحون, فتتقدم الحلول وما يتبعها من إستثمارات ٍ عربية أولا ًودولية ثانياً, وإما يتلاعبون أو يفشلون, فيدور البلد في الفراغ القاتل .
الوزراء يُفترض أنهم يدركون كل ذلك, تماماً كما رئيسُ الجمهورية ورئيس الحكومة, ولكن يبدو أن أغلبية الاحزاب لم تفهم الرسالة بعد.
منها من إحتفل بإنتصار ِ تسميته وزراءه, منها من يستدعيهم لصورة ٍ جماعية تُثبت قوته, ومنها من يوزع سيَرهم الذاتية.
إنها سَكرة الاحزاب المنفصلة عن الواقع .
فما تغيَّرَ في لبنان أكبرُ من الاحزاب نفسها ورؤسائها و مناصريها وهو مرتبط بإستعادة الدولة من قبضة الزعماء.
ونحن اليوم أمام فرصة أخيرة, وتحديات ٍ كبيرة تبدأ بالبيان الوزاري، تطبيقُ القرار 1701 وإنسحاب إسرائيل من لبنان, الإصلاحاتُ الداخلية وصولاً الى ما يجري في الشرق الاوسط.
شرقٌ تتسارع فيه التطورات المرتبطة بإتفاقيات إبراهام والضغوط ِالاميركية, وتقف فيه الدول العربية خلف السعودية, التي أكدت مجدداً اليوم أن السلام لن يتحقق الا بحل سلمي ركيزته قيام ُدولتين.
الموقف العربي الموحد جاء قبل أيام من قمة أميركية أردنية الثلثاء في واشنطن , وقبل السابع والعشرين من شباط, تاريخ ِ القمة العربية الطارئة التي دعت اليها مصر لمناقشة التطورات الخطيرة للشرق الاوسط.
إنها حقيقة ُ ما يحصل من حولنا, وهي يُفترض أن تجعلنا نخجل من إنتصارات ٍ محلية ٍ وهمية, في منطقة تشهد مواجهات كبرى.