الأمومة، تجربة مذهلة تغير المرأة بكافة تفاصيلها، تحمل لها تحديات ترافقها طيلة رحلتها، ولكن قد لا يعيرها البعض اهتماما. من الطبيعي أن تتكون لدى الام مشاعر القلق أو الشك، خصوصا إذا كانت تجربتها الأولى مع الحمل، ولكن التوعية ضرورية لمواجهة اكتئاب ما بعد الولادة الذي يصيب النساء عادة.
وفي التفاصيل، اكتئاب ما بعد الولادة يرافق الام بعد الانجاب، فالتغيرات الهرمونية، الجسدية، العاطفية، المالية والاجتماعية بإمكانها أن تسبّب هذه الحالة وأعراضها.
هناك ثلاثة أنواع مختلفة للاكتئاب في هذه المرحلة:
كآبة الطفل: تؤثر على ما بين 50٪ و75٪ من النساء، إذ تواجه الأم نوبات متكررة وطويلة من البكاء والحزن والقلق من دون سبب واضح. وتبدأ الحالة عادة في الأسبوع الأول بعد الإنجاب وتهدأ في غضون أسبوعين من دون الحاجة لعلاج بل تحتاج إلى الدعم ومساعدة الأصدقاء أو العائلة أو الشريك.
اكتئاب ما بعد الولادة: حالة أكثر خطورة بكثير من كآبة الطفل، وتؤثر على حوالي 1 من كل 7 أمهات. وتواجه الام خلالها نوبات متكررة، البكاء المتكرر، التعب، بالإضافة إلى الشعور بالذنب والقلق وعدم القدرة على رعاية طفلها، وقد تظهر الاعراض في غضون أسبوع من الولادة أو تدريجيا، حتى بعد عام.
ذهان ما بعد الولادة: يتطلب عناية طبية طارئة لأنه يتسبب بميول متزايد للانتحار وخطر إلحاق الضرر بالطفل. هذه الحالة نادرة نسبيا، وتؤثر على امرأة واحدة فقط من كل ألف امرأة بعد الولادة. وتحدث الأعراض الشديدة بشكل عام بسرعة بعد الولادة، وتستمر لبضعة أسابيع إلى أشهر عدة. وتشمل الأعراض الارتباك، الشعور باليأس، العار، الأرق، جنون العظمة، الأوهام، الهلوسة، فرط النشاط أوالكلام السريع.
وتزيد بعض العوامل من خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة كوجود تاريخ شخصي أو عائلي من الاكتئاب أو اكتئاب ما بعد الولادة، الدعم الاجتماعي المحدود، الخلافات الزوجية ومضاعفات الحمل، التغيرات الجسدية، قلة النوم أو المخاوف بشأن الأبوة والأمومة وغيرها.
ويواصل الخبراء أبحاثهم لتحديد العلاقة بين الانخفاض السريع للهرمونات بعد الولادة والاكتئاب، حيث تزداد مستويات هرمون الاستروجين والبروجسترون 10 أضعاف أثناء الحمل ولكنها تنخفض بشكل حاد بعد الولادة. وبعد 3 أيام من الولادة، تنخفض مستويات هذه الهرمونات إلى مستويات ما قبل الحمل.
وقد يؤثر الاكتئاب على الطفل فيصبح هناك مشكلة في تكوين الترابط بين الام وطفلها، ما يؤدي الى معاناة الأخير من مشاكل في السلوك أو التعلم، مشاكل في التغذية والنوم أو يكون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة أو اضطرابات النمو.
ويتم علاج اكتئاب ما بعد الولادة بشكل مختلف اعتمادا على نوع وشدة الأعراض، حيث تشمل خيارات العلاج الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والعلاج النفسي بالاضافة إلى حاجة الأم للدعم المستمر.
وبحال كانت الام تمارس الرضاعة الطبيعية، هذا لا يعني أنه لا يمكنها تناول دواء للاكتئاب أو القلق أو حتى الذهان، عليها التحدث مع طبيبها لتحديد العلاج المناسب لها.